لم تعد المكتبة قاعة
ورفوفا ترتب عليها الكتب، بل أصبحت فضاء واسعا لا تحده الجدران. ولم يعد
البحث عن المراجع يقتصر على مراجعة قصاصات من الورق تسمى الفهارس، بل مداخل
البحث الآلي باستخدام الحاسوب بالضغط على أقفال فتصطف قائمة المراجع على
شاشة متابعة مرتبة أبجديا. ولم يعد القائم على المكتبة مجرد مكتبي ينظم
الكتب على الرفوف، ويقدمها للباحث أو القارئ حين يطلبها بل، هو وثائقي
متعدد الاختصاصات خاصة المشرف على المكتبة المدرسية الذي ينبغي أن يكون
ملما بمبادئ كل المواد الدراسية، مطلعا على برامجها الرسمية، عارفا بأساليب
تدريسها وطرائق تعلّمها وتعليمها .
هذا التطور في عالم المكتبات بفضل
الثورة التي أحدثتها التكنولوجيا الرقمية في مجال المعلومات فألغت الجدران
والأسقف واختصرت المسافات وحولت العالم بقاراته الشاسعة إلى قرية صغيرة
يمكن للإنسان أن يصل إلى أطرافها في ثواني معدودات.
ونتيجة لهذه الثورة،
فإن تسيير الكم الهائل من المعلومات والوثائق قد تطلب بدون شك تغييرا
جذريا، وظهر ما يسمى بـ "التسيير الالكتروني للوثائق" المعروفة باللغة
الأجنبية بـ "Gestion Electronique des Documents "
والتي تختصر في GED
وانطلاقا
من تعريف الوثيقة بصفة عامة، يمكن أن نحدد ما هي الوثيقة الالكترونية وما
هو التسيير الالكتروني للوثائق، وما هي أهدافه، وفوائده، وما هي صعوباته
التقنية والمادية.
ما هي الوثيقة ؟
تعرف المنظمة الدولية
للمقاييس (ISO) الوثيقة بأنها : المجموعة المؤلفة من الوسائط المعلوماتية
والمعطيات المسجلة عليها بشكل دائم على العموم، قابلة للقراءة من قبل
الإنسان أو الآلة [libreEncyclopédie ]
ويفهم من التعريف أن الوثيقة يجب
أن تحتفظ بكل خصائصها الجوهرية حتى تكون وثيقة، سواء كانت على وسيط ورقي
أو الكتروني ، سواء كانت كتابة أو صورا و رسومات...
ما هي الوثيقة الإلكترونية ؟
إذا
كان الجميع يدرك الوثيقة الورقية ومدلولها، فإن مصطلح الوثيقة الالكترونية
جديد، قد يختلف في فهم مدلوله، لذا نورد تعريفها حسب المرجع السابق "مجموع
معطيات منظمة في جذاذات Fichiers معلوماتية غير ملموسة، يمكن معالجتها
بوساطة الحاسوب، ويمكن أن تكون جذاذاة (نشيبة) Fichier acoustique أو
مكتوبا اكترونيا ... الخ.
ومن المعلوم أن المكتوب الالكتروني المسجل على
الحاسوب نظير للمكتوب على الورق، بيد أن الوثيقة الالكترونية تمكن من فصل
خصائص الوثيقة الكلاسيكية، أي تنظيمها(المعطيات الخارجيةMeta-donnés)
مضمونها (المعلومات ) وبناؤها، وذلك يمكن من الاستغلال المنفرد لكل خاصية .
التسيير الالكتروني للوثائق GED :
وتسمى أيضا التسيير الالكتروني لمعلومات ووثائق المؤسسة GEIDE :
هو
نظام آلي (informatisé) لتسيير الوثائق وتصنيفها وتخزينها وحفظها والبحث
عنها" مثل تحويل الوثائق الورقية إلى رقمية، أو تسيير حياة الوثائق
وتدفقها.
ومعنى ذلك أن التسيير الالكتروني للوثائق يقترح حلا لمشاكل
تسيير مراحل المصادقة والمراجعة ... وبصورة عامة، يمكن أن نقول أنه نظام
تسيير آلي لمرحلة حياة الوثيقة الالكترونية (نص، صوت ، صورة ، فيديو،
...الخ) منذ نشأته إلى غاية اتلافه، بهدف تسيير الحصول على المعلومات،
وتوسيع آفاق نشرها بين أكبر عدد من الناس والهيئات .
أهداف التسيير الالكتروني للوثائق :
يتضح مما سبق أن الأهداف الرئيسية للتسيير اللاكتروني للوثائق يمكن حصرها في :
1- اقتناء الوثائق:
ويكون على عدة أشكال :
إدماج
الوثائق الورقية الموجودة:أي تحويلها إلى وثائق رقمية عن طريق اسكانير
Scanner وبعد التحويل يمكن فرزها باستخدام تكنولوجيا خاصة تدعى RAD ، حيث
تستخلص معلومات من الصور الرقمية باستخدام تكنولوجيا أخرى تدعى LAD ، التي
تستخدم تقنية التعرف على الرموز السرية Codes barrés ، وعلى حروف الكتابة
اللغوية.
إدماج الوثائق اللكترونية الموجودة : وهي الجذاذيات Fichiers المكتبية، ونشائب PDF ... ، والوثائق الناتجة عن أنظمة النشر (COLD) .
إنتاج
الوثائق الالكترونية : ويمكن أن تكون نتيجة إجراء أو عدة إجراءات يقوم بها
مختلف الأعوان بفضل برمجية (Logiciel) إعلام آلي جماعي. (Group woren ou
collevticiel) كما يمكن أيضا الحصول على الوثيقة عن طريق برمجية إعلام آلي
قراريLogiciel d’information décisionnelle بواسطة نموذج موجود في الأداة
نفسها.
تبادل الوثائق الالكترونية:ويجري هذا التبادل عندما ترغب
هئيتان مشتركتان اقتسام وثائق الكترونية، ويتم ذلك بربط أنظمتها الاعلامية
المسماة EDI. (Echange de données Informatiser).واستخدام مقياس موحد
للمعلومات المعيرة .
2- فهرسة الوثائق :
هي وصف الوثيقة ومضمونها قصدتسهيل استغلالها. وينبغي هنا أن نميز نوعين من الفهرسة :
الفهرسة
التصنيفية التي تقدم وصفا شكليا للوثيقة لتسهيل عملية التصنيف والترفيف
(النمط، المؤلف، العنوان، المورد، التاريخ...الخ)، والتي تمكن مختلف أدوات
البحث من استغلال هذه المعطيات.
الفهرسة حسب المفهوم التي تهتم بمضمون
الوثيقة لتسيير عمليات البحث، ويتعلق الأمر هنا باحصاء العبرات المتردد
استعمالها (أي فهرسة إحصائية) ؛ أو اختيار العبارت الدالة المرتبطة
بالوثيقة (ويسمى أيضا بالكلمات المفتاحية) وجعلها في قائمة تدعى تيزوريس
(Thésaurus).3-تخزين الوثائق:
إنها مرحلة هامة، لأنها ركيزة لعمليات
البحث والاستغلال وتداول المعلومات لذا من غير المعقول استخدام نظام تسيير
دون التفكير في نظام التخزين. ولأداء هذه المهمة، لا بد من التفكير في
الإشكاليات الآتية :
تكييف وسائط التخزين حسب حجم الوثائق المراد تخزينها، حتى نتمكن من توفير وقت معقول للدخول، حسب وتيرة الطلب وأهمية الوثيقة؛
تنظيم التخزين تنظيما هرميا حسب مضمون الوثائق (نص، فيديو، صورة...) ومصادرها، ونمطها والحال التي توجد عليها؛
إدراج مدة الحفظ في الحسبان للتمكن من التصفية الدورية للنظام قصد تسهيل عملية التخزين وتغذية المحفوظات (الأرشيف). 4-البحث:
وهو أنواع عديدة:
البحث المعياري: ويكون باستخدام التأليف بين الكلمات المفتاحية التي أعدت في مرحلة الفهرسة؛
البحث في المضمون: وهو بحث عن عبارات يتضمنها نص الوثيقة.
وبصفة عامة، يمكن القول أن الفهرسة ونظام التخزين يؤثران على نجاعة عمليات .
البحث، فكلما كانت الفهرسة أفضل، كان البحث اسهل وأنجح. 5-الاستعادة:
تشكل
الاستعادة إحدى أهم الغايات، لأن أي وسيلة للتسيير الالكتروني للوثائق إن
لم توفر مجموعة واسعة من طرائق الاستعادة، فإنها غير مجدية، وهذا ما يجعل
الوسيلة مهمة بالنسبة للجانب التعاوني، إذ ينبغي أن يكون في إمكان مختلف
المتعاملين تبادل المعلومات، واستعادة أي وثيقة وعرضها على الشاشة، أو
طبعها وإرسالها عن طريق البريد الالكتروني، أو إدراجها في جهاز Work Flow
(العمل المتدفق) لتصبح من معطيات الدخول، واستقبال وثائق أخرى؛ بالاظافة
على توفير إمكانية تحسين الوثيقة وإثرائها قصد نشرها على موقع "واب