الخبز بعد العاشرة صباحا مفقود والحليب لمن استطاع إليه سبيلا
أدت
موجة البرد التي تجتاح العديد من المناطق الشمالية للوطن إلى عزل مناطق
وقرى بأكملها بالعديد من الولايات أهمها بومدراس التي لا تبعد عن عاصمة
البلاد بأقل من 60 كلم، غير أن مخلفات الاضطرابات الجوية والمتبوعة
بالتساقط الكثيف للثلوج يخيل لزائر مداشرها وقراها أنه في منطقة معزولة
ونائية، فلا غاز ولا كهرباء ولا حتى حليب ومؤونة لسد جوع مخلفات البرد، في
الوقت الذي اضطرت فيه كافة العائلات التسابق نحو المحلات لاقتناء حاجياتها
والمحظوظة منها من تتمكن ملء قارورة الغاز أو شراء حليب الغبرة، وهو الوحيد
المتوفر عن طريق "المعريفة" كما قيل لنا.
أحياء بأكملها في منطقة تيجلابين تعيش على أضواء الشموع منذ أكثر
من 48 ساعة، بسبب انعدام الكهرباء، وهو ما جعل الأولياء يدقون ناقوس الخطر
بسبب هذا الإشكال الذي يهدد حياتهم وخاصة أطفالهم الصغار خوفا من عدم تمكن
أجسادهم من تحمل البرودة التي حولت ألوان أجسادهم إلى الأزرق في ظل افتقاد قارورات غاز البوتان التي أضحى الحصول عليها من المستحيلات.
سكان شاليهات تلاملولت وقرى مجبر وأهل الوادي بتيجلابين والثنية يتعذبون كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر صباحا عندما وصلت "الشروق"،
أمس، إلى شاليهات حي تلاملولت والعديد من قرى مجبر وأهل الوادي وكذا برغلو
ومرايل بتجلابين وذلك بشق الأنفس نتيجة التساقط الكثيف للثلوج التي أدت إلى
غلق العديد من الطرقات والمساك، عائلات تصرخ وتشتكي من انعدام أبسط
الضروريات مثل الغاز الذي يستعمل للطهي والتسخين، الكهرباء هي الأخرى كانت
النقطة السوداء لهؤلاء، بعدما أكد قاطنو شاليهات تلاملولت أن انقطاع التيار
عنهم منذ أكثر من 48 ساعة إثر عليهم كثيرا بعدما استبدلوها بالشموع التي
عبروا عن تخوفهم من إمكانية افتقادها في حال استمرار الاضطراب الجوي لأيام
أخرى، وهو ما سيحطم أسقف الشاليهات في أية لحظة نظرا لقدمها وانتهاء مدة
صلاحياتها بعدما استغلت لفترة تجاوزت 9 سنوات عوض سنتين، مشكل آخر تحدث عنه
السكان هو انعدام النقل الذي بات يؤرقهم، فزيادة عن قطع الطرقات التي
عزلتهم، يشتكي هؤلاء من استحالة تمكنهم الانتقال من الحي المذكور إلى وسط
المدينة. وبالثنية كانت جولة أخرى "للشروق" عبر أحيائها التي كانت أمس شبه
معزولة، أجبر سكان أحيائها على استعمال وسائلهم الخاصة لتسريح الطرقات في
الوقت الذي وجدنا تواجدا مكثفا لمصالح الدرك الوطني من أجل فك الخناق عن الطرقات.
البرد يهدد الأطفال بالموت والكبار بالجوعبلهجة فزع وخوف شديدين، صرخت عائلات قاطنة بالمنطقة المذكورة التي
عزلتها الثلوج، من فقدان فلذات كبدهم بسبب البرد القارص الذي يميز مداشر
وقرى تيجلابين وحتى أحياء لاكومين المعروفة بالأحياء الفوضوية، حيث ازداد
ذعر العائلات بسبب استمرار الاضطراب الجوي بالموازاة مع افتقاد للمواد
الغذائية الأساسية كالخبز الذي يفتقد قبل الزوال، أما الحليب فلا أثر له
سوى المتعلق بالبودرة وكذا الخضر التي وإن وجدت تباع بأثمان باهظة، ناهيك
عن استحالة الحصول على قارورات غاز البوتان والمحظوظ منهم من يتمكن اقتناءه
بأساليب "المعريفة"، الأمر الذي يهدد أطفالهم ورضعهم بالموت بردا في حالة استمرار المشكل قبل تدخل السلطات التي أكدوا أنها كانت غائبة عنهم طيلة هذه الأيام.