أبو الأسود الدؤلي هو ظالم بن عمرو بن ظالم, ولد في الكوفة ونشأ في
البصرة, من سادات التابعين, ويعتبر أول من وضع علم النحو, و شكّل
المصحف.توفي سنة 69 هـ. ويروى بأن حديثاً دار بينه وبين ابنته هو ما جعله
يهم بتأسيس علم النحو وذلك عندما خاطبته ابنته بقولها ما أجملُ السماء (
بضم اللام لا بفتحها ) فأجابها بقوله (نجومها) فردت عليه بأنها لم تقصد
السؤال بل عنت التعجب من جمال السماء, فأدرك حينها مدى انتشار اللحن في
الكلام. وهو من أصحاب الإمام علي بن أبي طالب .
وهو من وضع النقاط
على الأحرف العربية واول من ضبط قواعد النحو، فوضع باب الفاعل، المفعول به،
المضاف و حروف النصب والرفع و الجر و الجزم.
اسمه ونسبه
ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حَلس ابن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن عبد مناة ، من قبيلة كِنَانة .
مولده
المُرجّح عند المؤرخين أنه ولد في الجاهلية قبل الهجرة النبوية بـ ( 16 ) عاماً .
إسلامه :
كان أبو الأسود ممن أسلم على عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وغالب
الظن أن أبا الأسود دخل الإسلام بعد فتح مكة وانتشاره في قبائل العرب ،
وبعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) انتقل إلى مكة والمدينة .
مواهبه العلمية
كان
أبو الأسود – من خلال ملكاته النفسية – يميل إلى المجالات الثقافية
والفكرية ، ونرى ذلك واضحاً في أعماله وآثاره ، فقد أكَّد المؤرخون
والمترجمون على ذلك .
وقد شعر أبو الأسود نفسه بما يملكه من مواهب ،
فأخذ بتزويد نفسه من مختلف المجالات الثقافية المتعارفة آنذاك ، سواء
المجالات التي تتصل بالشريعة الإسلامية ، كالفقه ، والقرآن الكريم ،
والأحاديث الشريفة ، أو غيرها كاللغة ، والنحو ، والأدب .
أساتذته
اتجه أبو الأسود في عقيدته الدينية لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، وربما نشأ هذا الاتجاه في نفسه منذ بداية إسلامه .
وبما
أنه كان من التابعين والشيعة – كما يجمع على ذلك المؤرخون – فلابد أن يكون
أكثر اتصالاً وصحبة للإمام علي ( عليه السلام ) وللصحابة من شيعته ومواليه
.
وقد روى أبو الأسود عن أمير المؤمنين والحسن والحسين وعلي بن الحسين ( عليهم السلام ) ، وروى أيضاً عن أبي ذر وابن عباس وغيرهم .
تلامذته
هناك
بعض الأفراد أخذوا العلم من أبي الأسود ، ودرسوا على يَدَيه ، وخاصة علم
النحو والعربية ، وقراءة القرآن الكريم ، وقد رووا عنه أيضاً بعض الروايات
الشريفة .
يقول ابن الأثير في ( الكامل ) ، في حوادث سنة تسعين من
الهجرة : وفيها توفي نصر بن عاصم الليثي النحوي ، وقد أخذ النحو عن أبي
الأسود الدؤَلي .
ويقول أيضاً في حوادث سنة تسع وعشرين ومِائة :
وفيها مات يحيى بن يعمر العدوي بـ ( خُرَاسان ) ، وكان قد تعلَّم النحو من
أبي الأسود الدؤَلي ، وكان من فُصحاء التابعين ، وغيرهما من النحاة
والقُرّاء الذين كان لهم دورهم الثقافي آنذاك .
وفي ( الروضات ) :
وقيل أن أبا الأسود خَلَّف خمسة من التلامذة ، منهم عطاء ، والآخر أبو حرب –
وهما ابناه – ، وثلاثة آخرين ، وهم : عنبسة ، وميمون ، ويحيى بن النعمان
العداوني .
وفي ( بهجة الآمال ) : وبالجملة ، لأبي الأسود تلامذة
فُضَلاء ، منهم سعد بن شداد الكوفي النحوي المُضحِك ، المعروف بـ ( سعد
الرابية ) .
سيرته
رغم
توجه أبو الأسود واهتمامه الكبير بالمجالات الثقافية نراه قد شارك في
الكثير من الحوادث والأنشطة السياسية والاجتماعية لتلك الفترة الحاسمة من
تاريخ الإسلام .
ومن الجدير به أن يشارك في مثل هذه الممارسات ،
لِمَا كان يملكه من خصائص ومؤهلات ، فقد وُصِف بالعقل ، والذكاء ، والتدبير
، والفقاهة ، وغيرها مما يوجِّه له الأنظار .
ومما يفرض على ولاة
الأمور أن يسندوا إليه بعض المهام التي تتلاءم ومؤهلاته ، وأكثر ما وصفه
مترجموه أنه كان مُتَّسِما بالعقل ، وأنه من العقلاء .
ولعل مرادهم من هذا التعبير حُسن التصرف والتدبير ، والحِنْكة في إدارة الأمور ومعالجة القضايا .
وقد نشأ ذلك من مواهب ذاتية ، ومن تربية جيدة ، ومن خلال تجاربه في الحياة كما صَرَّح بذلك نفسه .
أقوال العلماء فيه :
لو راجعنا كتب الرجال – سواء عند الشيعة أو أهل السنة – لرأينا أكثرها
متفقة على مدح أبي الأسود بمختلف التعابير التي تدل على مدحه ، ولو أردنا
استعراض أقوالهم وآرائهم في ذلك لطال المجال .
فقد ذكره الشيخ
الطوسي في عدة مواضع من رجاله مكتفياً بأنه من أصحاب أمير المؤمنين والحسن
والحسين وعلي بن الحسين ( عليهم السلام ) وأنه مِمَّن رَوى عنهم .
وفي
كتاب ( اختيار معرفة الرجال ) : ( أبو الأسود الدؤَلي من أصفياء أصحاب
أمير المؤمنين والسبطين والسجاد ( عليهم السلام ) وأجِلاَّئهم ) .
وهذه الألفاظ تدل على مدحه إنْ لم نَقُل أنها تدل على توثيقه .
ويقول
الشيخ المامقاني في ( تنقيح المقال ) بعد ترجمة موسعة له : ( ثُمَّ لا
يُخفى أن الرجل من الحسان لكونه شيعياً ممدوحاً بما سَمعتُ ) .
وفي (
عمدة عيون صحاح الآثار ) : ( أبو الأسود الدؤلي هو من بعض الفضلاء الفصحاء
من الطبقة الأولى ، ومن شعراء الإسلام وشيعة أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب ( عليه السلام ) ) .
ويقول أبو الفرج في ( الأغاني ) : ( وكان أبو الأسود من وجوه التابعين ، وفقهائهم ، ومُحدِّثيهم ) .
وقال في ( غاية النهاية ) عنه : ( ثقة جليل ) .
ولكن
يمكن أن نقول أن توثيق الرجل لا ينحصر بهذه الألفاظ المعينة ، بل يمكن
استفادة توثيقه من بعض القرائن والأحوال ، كتأمير الإمام ( عليه السلام )
له على الجيش ، أو ولايته على بلد ، أو من سيرة حياته .
وفاته
اتفقت أكثر الروايات على وفاته في سنة ( 69 هـ ) ، وكذلك اتفق أكثر المؤرخين على تحديد عمره حين وفاته بـ ( 85 )