بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
خطأ لغوي مزعوم في سورة يوسف !!
تطيل مواقع الإنترنت لغير المسلمين من ضرب الأمثلة على ما تزعم أنه أخطاء لغوية ( !!!!!! ) في القرآن الكريم.
بعد استقصائها ( من 35 موقعاً تنصيريا و( ليبرالياً !!! ) عربياً ) تم حصر 24 خطأً نحوياً و44 خطأً بلاغياً مزعوماً..
منها ما ورد في سورة يوسف: "
فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ
الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا
وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ(15) ".
حذفَ جواب لما، ولو حذف الواو ـ قبل كلمة (أَوْحَيْنَا) ـ لاستقام المعنى.
تخيلوا: غير المسلمين يقترحون على المسلمين حذف حرف من كتاب الله تعالى...
هل يهمهم كثيراً تصحيح الخطأ المزعوم ؟!
وجواب
تلك الشبهة: هذا من الحذف البلاغي المعجز(1) إن حذف جواب " لما " هنا
المراد منه تهويل وتفظيع ما حدث من إخوة يوسف ليوسف، بعد أن أذن لهم أبوهم
بالذهاب به للعب معهم.
لذلك حذف جواب " لما " لتذهب النفس في تصوره
كل مذهب، وحذف هذا الجواب فيه دلالة على طول ما حدث من إخوة يوسف ، وعلى
غرابته وبشاعته.(2)
أما اقتراحم حذف " الواو " في " وأوحينا "
ليستقيم المعنى خطأ جسيم؛ لأن " أوحينا " ليس جواب " لما "، وإنما معطوف
على الجواب المقدر؛ لأن جواب " لمَّا " هو ما حدث ليوسف من إخوته، بمجرد
خروجهم به من عند أبيهم وبعدهم عنه قليلا. ودليل ذلك هو العطف بالفاء في "
فلما " لأنها تفيد الترتيب والتعقيب الفوري.
إخوتي: هذا يبين خطر ما قد يقع فيه بعض النحويين في دعوى الزيادة في القرآن الكريم، وما يسبب ذلك من طعون للكتاب العزيز.
.............................
هذا
الحذف لا تكاد تخلو منه سورة من سوره، ولا آية من آياته. وينتمي الحذف
البلاغي إلى فن بلاغي حصر بعض العلماء جميع البلاغة فيه، وهو " فن الإيجاز "
أي قلة الألفاظ مع كثرة المعاني.
****************************************
1)
قال الجرجاني في دلائل الإعجاز ص146: " هو بحث دقيق المسلك، لطيف المأخذ،
عجيب الأمر، شبيه بالسحر، فإنك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر، والصمت عن
الإفادة أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتم ما تكون
بياناً إذا لم تُبن ".
2) انظر تفصيل ما تعرض إليه سيدنا يوسف من
أذى على يد إخوته، في الكشاف للزمخشري2/424 وذكر غيره عدة أصناف أخرى من
الأذى، كلها مراد وكلها مقصود؛ فالحذف البلاغي هنا مراده: إفادة التوسع في
المعنى.