عدد المساهمات : 1021 تاريخ التسجيل : 02/02/2012 العمر : 33 الموقع : https://fackhenchela.ahladalil.com المزاج : ممتاز
موضوع: مستشار علم النفس الرياضي يقول: الإثنين فبراير 20, 2012 6:03 pm
احمد منصور السنتلي
مستشار علم النفس الرياضي
في البدء يجب أن نعي وندرك تماما أن تعزيز الثقة بالنفس يعتمد في بنائه على عوامل كثيرة متغايرة في تراكيبها وصياغتها وفقاً لأولويات وثقافات ومعتقدات الأفراد والشعوب التي ينتمي إليها الفرد، ونظراً لأننا مسلمين ولله الحمد على فضلة أن خلقنا مسلمين سأتناول موضوع تعزيز وتدعيم الثقة بالنفس من جانبين خاص وعام كالتالي:
الجانب الخاص: ويبدو هذا الجانب تقليدي في ترديده وحتماً هو متجدد وغير تقليدي على الإطلاق حين نبصره وادراكه بكل حواسنا وسيكون بمثابة المنبع والمصدر الرئيس الذي ندعم به ثقتنا بأنفسنا ونسمو بها بكل قدرة واتزان، وهذا الجانب يتم من خلال التالي:
1. تفعيل الحالة الشعورية بالإيمان بالله وحسن الظن به : لعلنا ندرك أن أقوى دعائم ثقة المرء بنفسه يحددها مستوى علاقة العبد بربة، فكلما كانت هذه العلاقة متينة متماسكة بالطاعات والعبادات كلما شعر هذا الإنسان بطاقة هائلة تشع في قلبه وفي كل مكان وكان كالطود شامخاً وعلماً بين أقرانه لا يتأثر سلبا ويؤثر إيجاباً بنفسه ومن حوله. فقد قال الله تعالى في محكم تنزيله:
2. تفعيل الحالة الإدراكية من خلال فهم العلاقة بين التوكل على الله والإيمان بالقضاء والقدر: إن التوكل على الله سبحانه وتعالى يشكل في ذات الإنسان المسلم حافزاً ودافعاً وموجهاً قوياً للعمل والعطاء بإخلاص، لذا يجب أن يدرك المؤمن أن دوره ينتهي في بذل الجهد والسعي في العمل دون الخوف والقلق على نتيجة هذا العمل أياً كانت، مما يترتب على هذا الإدراك إحساس المؤمن بالطمأنينة والآمان والراحة النفسية والعقلية. وبنفس الوقت الأيمان بالقضاء والقدر يشكل قناعة تامه لدى المؤمن بأن نتائج أي عمل بعد الجهد هي في علم الغيب، مما يترتب على هذا الإدراك إحساس المؤمن بالشعور بالغبطة والسعادة عندما تكون نتائج العمل ايجابية وكذلك الشعور بالرضى عن النفس وعدم السخط والجزع وتحميل النفس نتائج العمل السلبية بعد الاجتهاد. وكما قال شيخنا الفاضل عائض القرني " إذا رسخت هذه العقيدة وقرت في قلب المؤمن صارت البلية عطية ، والمحنة منحة ، وكل الوقائع جوائز".فقد قال الله تعالى
وقال صلى الله عليه وسلم (يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك إن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف) رواه الترمذي
3. تفعيل الحالة العملية من خلال تطبيق القرآن عملا لا قولا فقط: فيكفي أن ننظر ونتقمص من الآيات صفات وخلق الواثقين المؤمنين وعلى رأسهم قدوتنا سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم (كان خلقة القرآن) وصحابته والتابعين وعظماء التاريخ الإسلامي من أئمة وعلماء وقادة والذين كان لهم أثر كبير في تغيير وإعادة تشكيل الأمم وليس إفراداً فقط. فلنتدبر بعضا من هذه الآيات التي تصفهم لنستل منها ما شئنا من صفات وخلق كريم ونزرعها في قلوبنا. فقد قال الله تعالى:
الجانب العام: وهذا الجانب له قدر أيضاً كبير في بناء الشخصية المتماسكة والواثقة، وقد تبدو للبعض بأن بعض العوامل في هذا الجانب ليس لها دور كبير في بناء الشخصية وزيادة الثقة بالنفس وتعزيزها، وهذه حقيقة نظرة قاصرة حيث انه ثبت علميا من خلال العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية (والتي لا يسع ذكرها في هذا المقال) بأن تفعيل العوامل التالية قادر على تغيير شكل ومضمون الإنسان بشكل ايجابي من الداخل والخارج قادرا على التفاعل والإسهام بنجاح في حياته وحياة من حوله، وهذا يتم من خلال التالي:
1. تفعيل مهارات التخاطب: لاشك أن المخزون اللغوي والثقافي يعد أمر هام جدا في بناء الشخصية ولكن عند تعطيل أو عدم تفعيل استخدامه شفويا (لفظيا) فأنه لا قيمة لهذا المخزون ولا اثر له في بناء الشخصية، ومثال على هذا هو ما نراه عند بعض مرضى الرهاب الاجتماعي ححيث يبدع في الكتابة خلف الشاشة ويخشى التحادث والتحاور مع المجتمع المحيط به، لذا التركيز على تطوير مهارات التخاطب والتدريب على فنونه بدءا بنطاق ضيق كالتخاطب مع الذات أمام المرآة أو تسجيل المخاطبة صوتياً ومن ثم التدرج في التدريب في التخاطب مع الوالدين أو الأطفال أو صديق ودود والانتقال إلى نطاق أوسع في التدريب على التخاطب أمام مجموعات صغيرة من الأصدقاء حتى تصل إلى قدرة التخاطب مع عامة الناس وفي أماكن عامة، مع مراعاة دائماً وضوح وعلو نبرة الصوت والإلمام بموضوع التخاطب وكذلك اختيار الألفاظ التي تناسب سيكولوجية المتلقي، فلا تكترث أو تهتم للأخطاء الصوتية في استخدام الألفاظ المناسبة أو في مخارج الحروف أو حتى في تركيب الجمل فهي مع التدريب ستزول تدريجيا، واعلم وثق تماما إذا كان لديك عشرة أخطاء فكثير ممن يستمعون لك لديه عشرة آلاف خطأ لفظي.
2. تفعيل التفكير الايجابي: أي تفعيل التفاؤل والابتعاد عن التشاؤم في تعاملاتنا وتعاطينا مع أمور الحياة، انظر للجانب الايجابي لأي موقف (نصف الكأس الممتلئ لا النصف الفارغ)، كذلك قدم اتجاهات ايجابية للأمور والأحداث المستقبلية والمتوقعة، ففي تفعيل هذا الأسلوب يقدم الإنسان على أي موقف ويتفاعل معه بخطى ثابتهة ومتزنة لا يشوبها تردد أو خوف.
3. تفعيل معايشة الواقع: فبالرغم من أهمية الآمال والطموح والخيال في شحذ الهمم وتشكيل توجهاتنا إلا أننا يجب أن ندرك أن أقدامنا لازالت على الأرض وإمكاناتنا وقدراتنا وتفكيرنا العقلي لا العاطفي هو الذي ينقلنا إلى آفاق المستقبل، فمعايشة الواقع تتم من خلال النظر إلى ماضينا وحاضرنا وبناءا عليه يتم استشراف المستقبل، لذا يتطلب من الإنسان أن يعي ان هناك عوامل خارجية كثيرة لها دور كبير في تغيير مسارات الخطط والأهداف التي نرسمها في حياتنا الدراسية والعملية والعائلية سلبا وإيجابا، لذا ينصح دائما بوضع أهداف مرنة قصيرة قابلة للقياس والتغيير في أي وقت.
4. تفعيل أهمية الهيئة الخارجية: غالبا تتحقق الثقة بالنفس بدرجات عالية عندما يتوائم المظهر مع الجوهر بشكل ايجابي، ويتم من خلال الاتزان في الملبس من دون إهمال ينم عن فوضوية أو تكلف ينم عن نقص داخلي، كذلك الاعتدال والاستقامة في الوقوف وعدم التراخي حتى لا يوحي بالضعف والوهن والكسل، كذلك المشي بخطى ثابتة ومتزنة والنظر للأمام مما يوحي بقدرة الفرد على الثقة والتحكم بإرادته وتوجيهها في التعامل مع نفسه والبيئة المحيطة به.
5. تفعيل المهارات الاجتماعية: إن بقدر امتلاك الفرد من مهارات اجتماعية والتي حثنا عليها ديننا الحنيف (كالتواصل والتراحم والتعاطف والتكافل والإيثار والمحبة والإخاء والصداقة والمبادرة في عمل الخير) بقدر ما كان مستوى ثقة هذا لفرد بنفسه عالية، وأؤكد هنا على أهمية المبادرة وفعل الخير للناس في بناء الشخصية السوية الناجحة في المجتمع من دون الانتظار والبحث عن مردود دنيوي من الناس. لذا على الإنسان أن يسعى جاهدا ليبحث عن دورة في المجتمع مما ينعكس على إرضاء الذات وإحساسها بقيمتها ويزيد من قدراتها وإمكاناتها في التعامل مع العوامل والظروف المتغايرة بنجاح، لما لا ففي كثير من المجتمعات المتحضرة يتم تفعيل والاهتمام بالعمل التطوعي وتنشئ له الهيئات والجمعيات التعاونية وذلك لما لها من دور فاعل في بناء الشخصية الناجحة واستشعار قيمتها في تطوير المجتمع المحيط بها.